الأحد، أبريل 28، 2013

نافذة محبة ،،


إن أسوأ الفترات التي تمر بنا هي تلك التي نشعر فيها بالوحدة و الغربة حتى عن أنفسنا، نتجاهل فيها خيراً يسكننا و خيراً يسكنهم، نقتفي أثر جُرحٍ يؤلمنا و نزيده ملحاً علّنا نشفى ..

تتعاقب علينا أنهُرٌ و ليالٍ نرى فيها حلكة الليل أكثر أنساً من بزوغ النهار فتتراكم فينا أوجاع تجعلنا نرتدي نظارتنا السوداء في النظر إلى من حولنا فيبدأ عقلنا الباطن بالتنقيب عن عيوبهم المختفية خلف صغائر الأفعال ..

فنحسب وقتها أن الدنيا بما فيها تجتمع ضد ارادتنا و تبغضنا وكأنها النهاية، وقتها فقط يبث الله في قلوبنا نوراً يكون مصدره يد مُحبَة من نافذةِ مَحبة أرسلها لكَ لتعلم أنك لست وحيداً و أنه تعالى معك ..

فلماذا لا تكون تلك اليد التي ترسم بسمةً بأمر الله؟!! و لماذا لا تفتح أنتَ نافذةً من نوافذ المحبة ؟!!

حين قرأت خطاب المحبة الذي كتبته صديقتي حرّك بي ما كنت أغفل عنه فعلاً و ما أنا متأكدة أن كثير منا غافلين عنه فاذا أردتم أن تستيقظوا مثلي فاقرؤوهhttp://rafeefalnour.wordpress.com/2013/04/26/خطاب-المحبة/

هي فسرت كل تشوهات المجتمع بمرض نقص المحبة و التقدير وأنا أؤيد قولها : "مجتمعا بتشوهاته ، ليس إلا نتاجاً ، لجفافِ نبعِ المحبةِ والتقدير ، هذه النبعُ الذي لم يُوجد أساساً ليجف ، أغلبُ البيوتِ خاليةٌ من تقديرِ أفرادِها لبعضهم ، يتمنع الجميع استحياءً وكبرياءً  عن التعبير عن مشاعرهم ، فيصاب الأغلب بمرض ” الخوف من إظهار المشاعر ” ويذهب الباقي للبحث عن تلك المحبة خارجاً .. فلا يجد .."

كيف لشخصٍ أن يكون سوياً و قد حرمه أبواه من حضنهما الدافئ في وقت الشدة بحجة أن ذلك ضربٌ من ضروب الدلع !!!
كيف لشخصٍ أن يحترم نفسه و هو يجد الجميع حوله يقللون من شأنه و من شأن تصرفاته و انجازاته
!!
كيف لنا أن نقتل حساسيتهم بالقسوة المبرحة و لو بالكلمات الجارحة
!
الضرب يا أعزائي ليس ذاك الذي نستخدم فيه عصاةٌ أو ساطور و لكنه استخدام أبشع ما يترك أثراً عقيماً في النفس و لا يُمحى، إنها الكلمات التي ما إن حفرت فيكَ عقدةً ما ، لم تتركك حتى تجعل منكَ انساناً فظاً غليظ القلب قاسياً
..

كفوا عن تربية أولادكم و طلابكم بعيداً عن الرحمة، فهاهو رسولنا الكريم مدرستنا في الرحمة يعلمنا في حديثه الشريف :(( عن أبو هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ: قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا فَقَالَ: الأَقْرَعُ إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ ))
إنه رسولكم الكريم الذي كان لذريته نعم التربية و حسن الخلق و ها هو يقول أيضاً((عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهم عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوَأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَة))َ
لا تنزعوا الرحمة من قلوبكم فكما قال عليه الصلاة و السلام من لا يَرحم لايُرحم فقد قال تعالى في كتابه العزيز﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)

لن أدّعي أنني أهلٌ لدعوتكم لذلك و لكن كلي أمل أن يهديني الله و اياكم إلى ذلك اللين و تلك الحكمة ..

فكر معي قليلاً 
كم من الوقت ستستغرق و أنتَ تتجاذب أطراف الحديث مع أمكَ التي تحسبكَ كبرت و استغنيت عن مشورتها في أمورك ؟!
لن تخسر وقتاً قليلاً بل ستكسب رضاً كثيراً حين تشعرها أنكَ ما زلت طفلها الصغير الذي يحتاج حنانها و مشورتها

فكر معي قليلاً 
ماذا ستخسر لو تذكرت صديقاً قديماً عزيزاً و اتصلت به هاتفياً أو أرسلت له رسالة محبةٍ تخبره فيها كم أنت مشتاقٌ لرؤيته ؟!
والله ستجد سعادته بمحبتك الصغيرة تساوي أضعاف ما خسرته من الوقت لتهبه له

فكر معي قليلاً 
هل ستكون الكلمة الطيبة ثقيلةً على لسانكَ و أنت تدعم فيها من فقد الثقة أو من غرق بالحزن و الألم ؟!
صدقني ستشعر بسعادةٍ بالغةٍ و أنت ترى الابتسامة تزين الوجوه الحزينة أو الثقة تعود لمن فقدها بدعمك

فكر معي قليلاً 
ماذا سيكلفك الدعاء لهم بالخير حين تشملهم فيه ؟!
سيكلفك بأن يقول الله لكَ "و لكَ بالمثل

فكر معي قليلاً و كن ايجابياً ..ابدأ بابسط الأشياء و ستصل إلى الثواب الأعظم، لا تستهن بفعل الخير و لو قلّ، حاول أن تفتح لهم نوافذ محبة من خلال عيونكَ أنت ..
لن أطيل بهذه التدوينة و سأعطي لصديقتي متسعاً من الوقت لتستمع لأفكاركم و لتجمع أفكارها في ادخال السرور إلى قلوب الناس و لتفتح ما تبقى من نوافذ المحبة عندها معكم ، و يكفيني أنا هذه النافذة الصغيرة من المحبة ..
و أختم حديثي هنا بالدعاء لها : " رب أدِم السرور في قلبها كما تدعو عبادكَ لادخال السرور لقلوب البشر" :)



الأربعاء، أبريل 17، 2013

نضج ،،

حين تدق الساعة الرابعة من الشهر الرابع يبدأ عقدي الرابع و العشرين بالتقاط أنفاسه الأخيرة ليرحل للأبد .. ليرحل و يترك بي أشياءً كثيرة، و قصصاً طويلة، و مواقف مؤثرة، و قراءات مفيدة أو متعبة ، و احتمالات مجهولة ، و حكايات لا تنتهي ...

كنت قد كتبت سابقاً - حين أنهيت السنة الثانية بعد العشرين - مقالاً قصصياً بعنوان " وتذوب " و فعلاً كنت أذوب مع كل حرفٍ كتبت ، و في كل يومٍ كنت أشعر فيه بانفصال أحلامي عني كنت أعيد قراءته مرات و مرات حتى أعيش قصتي كما وصفتها حروفي بكل صدق ، و حتى أعيد شريط طفولتي في ذاكرةٍ تعبت من التفكير بمستقبلٍ مجهول .. و لكني في هذا العام أريد أن أكتب عن نضجي آخر لحظةٍ تركت فيها القلم - وأنا أكتب - حين ودعت عامي الثاني و العشرين حتى هذه اللحظة ..

سنتان .. قد يظن البعض أنهما قصيرتان جداً مقارنةً باثنان و عشرون عاماً مضوا لكنهما ليسا كذلك فقد أسميت عامي هذين بعامي النضج و الاستقرار فاليوم أترك عامي الرابع بعد العشرين بسعادةٍ غامرة لا تقدر على وصفها حروفي ..

حين أنهيت عامي الثاني بعد العشرين كنت أطرق أبواب الحُلم بنظرةٍ باسمة أبحث عن راحة البال وعن نهاية زاهيةٍ ملؤها الخصب والندى و عندما تجلت النهاية شعرت بغصةٍ لم تفارقني و بفرحةٍ لم تسعها الأرض و لا السماء ..

أما الفرحة فكانت فخرهم بي و سعادتهم بنجاحي و اصرارهم على تميزٍ لم ألحظه قط إلا من أحاديثهم عني ، لا أعلم وقتها لماذا أصابني البرود و لكن الابتسامة لم تفارق شفتاي لأجل عيونهم التي كانت تعطيني قوةً و أمل ، فقد اكتمل اللقب الذي طالما كانت أمي تحلم بأن أصل إليه بعد ذاك الشقاء الأبدي في نظرها ، و الممتع في نظري .. إنه كما يقولون " البشمهندسة " ، لم اكترث يوماً لكي أدرس شعوري بعد اكتمال اللقب و لكني كنت في كل خطوةٍ أخطوها نحوه أتجه نحو أمي بكل خبث و أهديها شهادتي الجامعية ، فقط لأرى تلك الدمعة المختلطة بابتسامةٍ خفية تقول " هنيئاً لي بكِ "  .. كيف لعقلي الصغير أن يحتمل معنى أن يهنئ أحدٌ نفسه بي ، أنها أكبر من احتمالي و قدرتي على الاستيعاب فعلاً و لكنهم الأهل هم الوحيدون الذين يهنئون أنفسهم بوجودكَ بينهم و لو بدمعةٍ أو بسمة ..

أما عن الغصة التي لم تفارقني و لن تفارقني فهي غصة رحيلهم عني و ذهاب كلٍ منهم إلى حياته ، كنت أعرف دوماً أن تلك المرحلة ستنتهي فعلاً و لكني كنت أخاف التفكير في لحظة غيابهم عني ، كنت أشعر باختناقٍ شديد بمجرد التفكير باختفائهم من المراسم التي طالما جمعت أحلامنا و مشيكلاتنا سوياً ، آآآآآآآآآخ آآآآآآآآخ .. تنهيدات تصّر أن تختلط بدموعي لتذكرَ رفقاء الدرب و زملاء الدراسة و اصدقاء شاركونا بكل تفاصيل حياتنا لأننا ببساطةٍ عشنا معهم كأسرة أكثر من عيشنا ضمن منظومة الأسرة الفعلية التي طالما غبنا عنها و لم تدركنا تفاصيل كثيرة عنها إلا بعد فوات الأوان لانشغالنا بما كنّا فيه ..

وقتها فقط وحين ابتعدوا و تقبلت ذاك البعد كتبت :"حين تصبح الحياة بعض حنينٍ لأيامٍ مضت و بعض حنينٍ لأحلامٍ انتهت .. 
حين تصبح أوجاعي حبر كتابتي و ما تركت من زادٍ في ذاكرتي ..
وقتها فقط تستحضرني ذكريات جميلة مع أناسٍ أحببتهم حقاً و تستثيرني مواقف نبيلة تعطيني بعض أمل أنسى به ذاك الألم ، تلك الغصة التي يتركها الفراق يوماً ... "

و حين خرجت من عزلتي بعد انتهاء اجبار البطالة على وجودي ضمن بيتٍ لم أعتد أن أظل أتأمل جدرانه الباردة و أحسب كَمَ خيببات الأمل التي سأجنيها لو بقيت هكذا ، انطلقت لمعرفةِ أناسٍ جدد و للعيش ضمن أجواءٍ جديدة لم أعهدها من قبل فإذا بي أعود لعادتي في التعلق التي أقسمت من يوم تخرجت أن أتركها و لكني اكتشفت أنها فطرة البشر ، فإذا بمكانٍ غريب جميل جمع أحلامنا و أوجاعنا و ابداعاتنا و أسميناه بعموم اللفظ " مكان " ..

أنه مكان و أي مكانٍ هذا الذي يجمع وجوهاً شابة تسعى لحلمٍ مشترك ليترك فيها أثراً خفياً و بصمةً ستظل رغم اختفاء الحدث و حين حانت لحظة الرحيل كتبت : " بعد ساعات سنغادر مكاناً عشنا فيه أياماً تجمع بين أحلام نتمناها و واوقعٍ نتعايش مع تفاصيله ، ستبقى كل زاويةٍ تشهد على ما نسجنا من علاقاتٍ طيبة ... تشهد على خبرةٍ خرجنا بها من التعاملات والمناوشات و الثورات والتعاون والمحبة والإخاء و الفرحة المشتركة ...

فنرجو لو نبقى كذكرى عابرة ...
سنفتقد توجيهات مدربنا في الحديث عن التقنية ...سنفتقد نشاط عاهد و حرصه على مصلحتنا التي نتناساها أحياناً ، سنفتقد تساهله و تقديره لظروفنا :D ...سنفتقد مرح محمد الفنان ، و دروسنا في الخط مع وسام ، و احتراف رائد في فهم الانسان ، و حساسية زكريا في التعبير عن فنه و أفكاره ، و سرعة رائد في التفكير بذكاء ،و استنفار حسن المستمر في أداء المهام ، و غموض خضر و اجتهاد طاهر ، و مزاح محمود الذي لا ينتهي ...سنفتقد قصص أم خالد الشيقة التي كانت تأخذنا إلى عالم الأحلام ، وطموح و ثورية هناء الدائمة ، و عفوية سوزان و اصرار أماني على رأيها ، و التزام ريهام ، و مثالية غادة ، و رزانة حنين و حلاوة روح هلا ...و الأكيد أنكم ستفتقدون حديثي الذي يزعجكم دوماً و تحريضي على المطالبة بالحقوق دوماً ^^ ...
أتمنى حال سماعكم أسمائنا ألا تتذكروا إلا الطيب منّا ...  :) "

أما عن تجربتي الجديدة الفريدة التي غيرت بي كثيراً فهي تعاملي مع أولئك المبصرون بقلوبهم الصُم بأسماعهم ، الذين حرموا من قدرة التعبير عن أنفسهم باللسان فمنحهم الله قدرة خارقةً على الابداع و الاتقان و قدرة على الحب دون شروط إلا أني كتبت لهم وقتها :"متعبةٌ هي أحلامنا حين تموت على أعتاب الحقيقة ... كفقدان قدرتنا على الصراخ في قمة الألم كاحتباس الكلمات في حناجرنا وقت حاجتنا للتعبير ... عن المحبة ... عن الندم
لا نزال أطفالاً في مدرسة الحياة تنفينا الظروف إلى حيث اهترئت مشاعرنا .. فأحياناً علينا أن نحكم على أشواقنا بالسجن المؤبد أو بالإعدام شنقاً ، لأن لا أوطان في الحب جبراً تقبلنا "

و عن عودتي من جديد للمكان الذي تعايشت معه وقتاً طويلاً مع اختلاف صفتي فيه كان الشعور مختلفاً و كنت أرى نفسي فيهم فأتذبذب في التصرف بين الحزم و الحنان ، لقد تعلمت وقتها كيف أفصل بين شخصية المعلمة و الصديقة ، و بدأت بتكوين صداقاتٍ جديدة و اقتماص شخصية المعيدة التي كنت من أكثر المعارضين على وجودها وقت دراستي :D ، لكنها الأيام تضعنا حين يريد لنا الرحمن لا حيث نريد نحن فالحمد لله ..

و من هذا المكان زادت علاقاتي  فأصبحت سعادتي مضاعفة بذلك ..

و كتبت وقتها: "أكثر الأشياء غرابةً في الحدوث معي هي أن جميع أمنياتي التي و إن لم أنطق بها تتحقق ، حتى كدت أخاف منها فعلاً فالأمنيات كما تعلمون جميلة و لكننا لا نعرف أين يختبئ الخير .. فأحياناً لا بل دائماً لا نعرف هل وصول هذه الأماني إلى لحظة الحقيقة هي قمة الخير لنا أم العكس ... ثقتي أنا بالله كبيرة فأنا أعلم أنه يعرف الأفضل لي و لكني لن أكف عن ذاكَ الدعاء الذي علمني اياه أحد الأصدقاء ( ربي أعطني الخير ، لا ربي حقق ما أتمنى فأنت تعلم كل الخير و أنت علأّم الغيوب ) "

فلحسن الحظ جمعني القدر بصديقتي سوزان التي فتحت لي آفاقاً جديدة للتفكير بأسلوبٍ جديد فكانت سبباً في بدء مشروعي الجديد " Mini Space " فبدأت بها كفكرةٍ مستحيلة و اتجهت الآن نحو الواقع لتصبح حقيقةً واقعة تنتظر بصيصاً من نور لنحصد نتائج نجاحها بالصبر و المثابرة رغم كل المعوقات و لتصبح للفكرة معنى لابد من فريقٍ يؤمن بنجاحها و يسعى لانجاحها لذلك اتخذت تلك الخطوة الجريئة في اختيار من تيقنت من ايمانهم بفكرتي و حاولت توطين الفكرة في قلوبهم و توطين قلوبهم بالنجاح . 

و في خضم ذاك الصبر على نشر فكرتي ، و في قمة انشغالي به، كان مشروعي سبباً في زيارة النصف الآخر من بلادي فكتبت :  
"و من طرائف القدر أن أزور قبل أشهر بلادي التي كنت أقرأ عنها في كتب التاريخ فقط ، بلادي التي كنت أظن أنها حلم صعب المنال ، بلادي التي أنا اليوم في شوقٍ لأعود لزيارتها مرةً أخرى دون أن يمنعني مغتصب و محتل.


لقد حركت بي تلك الزيارة الانتماء الذي قتله روتين الحياة اليومية

في يوم 4/10/2012 تلقينا خبراً ساراً يفيد بأن التحريات عن شخصياتنا العظيمة قد انتهت و قد صدرت الموافقة على سفرنا إلى الضفة الغربية عبر معبر "ايرز" فأسرعنا بتحضير حقيبة سفر صغيرة خالية من جميع ما يعرضنا للشك و المُسائلة ، لن أستطيع وصف فرحتي يومها فقد كدت أطير من شدة الفرح مع أني لم أكن أعرف ما ينتظرني وتوجهت للنوم وأنا أحلم كيف ستكون أيامي القادمة بعيداً عن أهلي و في داخلي وطني الذي أجهله.

و في الساعة الثامنة توجهنا أنا و أخي إلى المنطقة التي اتفقنا فيها مع البقية وانتظرناهم قليلاً حتى حضروا و من ثم ذهبنا سوياً إلى تلك المنطقة الأمنية المغلقة و قد ممرنا طبعا بثلاث محطات اثنتان منهما فلسطينية و الثالثة معادية و حين وصلنا إلى المحطة الثالثة كانت الحذر هو أسلوبنا في التعامل مع الأحداث ، كنت أشعر و أنا أرفع يداي عالياً لأدخل جهاز الفحص بالذل و الهوان ، أي زمانٍ هذا الذي أجبرنا أن نأخذ إذناً حال دخولنا بلادنا، أي زمانٍ هذا الذي أجبرنا على أن نرفع ايدينا استسلاماً دون أن نعرف السبب، كنت أتألم فعلاً و لكني كنت أدعو في الوقت ذاته أن تمنحني الحياة تلك التجربة و أرى بلادي - التي طالما كانت مواضيع أبحاثنا - وأراضينا - التي كانت مقترحات لإقامة مشروعاتنا و التي كنّا نكتب أن أكبر معوقاتنا في اقتراح اقامة مشروعٍ عليها هي الوصول إلى النصف الثاني من بلادنا و دراسة طبيعة أرضنا - ، كنت أشعر يومها أن الله منحني ما حلمت به دون حولٍ مني ولا قوة.

وما إن استلمنا تصاريحنا حتى توجهنا مسرعين متشوقين مبتعدين مقتربين فكانت الحافلة تنتظرنا لتقلنا إلى رام الله ، و ما ان تحركت الحافلة حتى استيقظت جوارحنا و بدأ كلٌ منا باستخدام عدسات الكاميرا لتصوير جمال بلادنا، لقد تحول كل تعبنا إلى متعة في النظر إلى تلك التضاريس المختلفة عن مدينتنا الساحلية و إلى تلك الطبيعة الخلابة التي تفصلنا عنها فقط بضع ساعات، كان اقترابنا من تلك البلاد بمثابة ولادةٍ جديدةٍ لأحلامٍ اندثرت منذ زمنٍ بعيد، كنا مع كل ثانية تمضي نشعر بأن الهواء هنا يرد لأرواحنا بعض ما فقدت من النقاء والحب، كنا نشعر أيضاً بغصةٍ في سلب أراضينا التي تسلب القلوب و العقول بجمالها و نقائها ، بلادنا التي تشفي السقيم بعليل هوائها.
كان وصولنا إلى الفندق الذي كان مقرراً لنا الاقامة فيه شعوراً جديداً، فلم يكن يعنينا جمال البنيان بقدر ما كان فضولنا يدفعنا لترك حقائبنا في الفندق للإسراع في استغلال كل لحظةٍ لاستكشاف بلادنا التي حُرمنا منها عمراً - و ربما لن تتاح لنا فرصة زيارتها مرةً أخرى – و فعلاً و بسرعةٍ كبيرة جهزنا أنفسنا لحضور ورشة عمل حول ريادة الأعمال، كان الطريق من الفندق حتى مقر كوكا كولا متعةً في حد ذاته فقد كانت الطرق الجبلية التي لم نعتد عليها أكثر تشويقاً وكانت عدسات الكاميرات لا تتوقف عن تصوير تلك المناظر الخلابة، وصولنا للمبني و حضورنا ورشة العمل لم يكن هدفنا الأول فقد كنت و أنا استمع لما يقوله المدرب اتأمل في وجوه أولئك الذين تجمعوا من كافة مدن فلسطين التي كنت أسمع باسمها فقط – رام الله، نابلس، الخليل، القدس، جنين، بيت لحم و بيرزيت – ليأكدوا أننا وطنٌ واحد رغم قرب المسافات بيينا وصعوبة ازالة الحواجز التي أجبرنا عليها معتدٍ غاصب، كانت معرفتي بأبناء وطني كنزاً، وكنت بعد سؤالي لأيٍ منهم عن اسمه أسأله من أي مدينةٍ أنت؟ و كنت لا أكتفي بذكر اسم المدينة و لكني كنت أيضاً استفيض بمعرفة أكبر قدرٍ من المعلومات عن تلك المدينة و عن بعدها عن المكان المتواجدين فيه حالياً و كيفية الوصول إليها ، أسئلةٌ كثيرة كنت أريد اجابتها ليس فقط بكلماتهم البسيطة التي لا تشفي فضولي و انما أردت أن أزور كل منطقةٍ في بلادي لأتعرف عليها أكثر و أحبها أكثر و أكثر .. "

و ما إن عدنا إلى غزة حتى قامت حرب قذفت في قلوبنا صبراً لا خوفاً فكتبت وقتها : " أصبحت أكره النظر إلى صور أولئك الضحايا الذين لا ذنب لهم سوى أن هذه بلادهم ، و أن البيت الذي كان يحتضنهم مستهدفٌ بدون سبب .. كفوا ايديكم عنا " ولم يكفوا أيديهم حتى أذاقونا من الموت كثيراً و أذقناهم من الرعب أكثر ..

و ما إن خرجنا حتى عدت أكمل حياتي ساعيةً بكل جهدي نحو نجاحٍ مبهر يزيد فخر أمي و أبي بي و يرسم لي مستقبلاً أجمل ..


 و الآن اكتمل نصاب حياتي بهم فأغدقوا عليّ من كرمهم حباً و عملاً و اخلاصاً فكان يوم ميلادي هذا مليئاً بالدفء و الفرح و البسمة، إنهم صنعوا عيدي ...


" صديقاتي إن كنت قد تأخرت في تهنئتي نفسي بكم و بطفولتكم البريئة النقية .. فلأني لا أريد أن تكون تهنئتي لكم و بكم تهنئة عادية في خضم هذه تهانيكم اللطيفة التي يملؤها المرح ..
أريد أن تكون تهنئةً خاصة بمن لا يليق بهم إلا ما يليق بالفراشات ..
لقد أثرت بي صحبتكم و معرفتكم على الرغم من قصر مدتها
لقد أحلتم حنيني لابتساماتٍ كثيرة لأجلكم أنتم ،
كم أحب توافق قلوبكم الذي افتقده الآن..
كم أحب مرحكم ..
صغيراتي
إن أخذتنا الحياة بعيداً عن اللقاء ستظل القلوب على اتصال
ما أجمل أن يزرع أحدهم في قبك حقول الزنبق فتنبعث رائحة زكية تسكن المكان
كم يصعب عليّ فراقكم طبعاً ،
بعد سنةٍ جديدة و شهورِ قليلة ستغادرون مكاناً جمعتكم فيه ذكريات و آمال و أحلام لترسموا واقعاً جميلاً بذاك النشاط فيكم و تلك الهمة العالية، كم سأشتاقكم وقتها و أشتاق لذكرياتٍ جمعتنا أيام و أيام ..
كونوا بخير دوماً يا جميلات
كوني كما أنتم بمرحكم فالأمل فيكم أنتم..
إن قدوم هذا العام زيارةُ لغيث يسقي حباً لكل من رافقكم و يهديكم ابتسامةً لن تنسوها .. فابتسامتكم و أناملكم و روحكم و حتى أثركم تضيف رونقاً للمكان و تضيف للثواني و والدقائق و الأيام أعماراً من نور و امل ..
أنتم احدى من أقتت من ابتساماتهم الصادقة في عامي الماضي ،فكم يتجلى على عرش قلبي قوت سنين التي لم تأتِ بعد ....
أنتم احدى خبراتي و صداقاتي التي سأخرج بها من الجامعة بعد سنة أو أكثر من التعاملات و المحبة و الاخاء و الفرحة المشتركة ....
و على قصر مدة معرفتي بكم إلا أنكم قد لا تدركون حجم السعادة التي تسكنني حين أرى ابتسامتكم و أشعر ببراءة قلوبكم .. أو حتى حين أراكم
فوجهكم تملؤني تفاؤلاً و ملامحكِ تزيد أيامي أملاً
اليوم أدع كلماتي تتحدث بما لا أستطيع قوله أو وصفه ..
كل عامٍ و أنتم بنجاحاتٍ متلاحقة ..
كل عامٍ و ايامكم القادمة أجمل..
شكراً لمن كانوا احدى من أمطروا صحرائي فرحة غامرة و محبة ساحرة .... .
..كم كنت أود فعلاً أن أرى بريق عيونكم و أنتم تقرؤون ما كتب قلبي لكن...
عامي أجمل بصحبتكم ..
وصيتي لكم أن تسترقوا كل دقائق الضحكات و أوقات الدعابات في وجودكم معاً ..
ان وجودكم معاً أجمل ما ستشعرون فيه حين تفرقكم الاقدار ..
كونوا معي أو بدوني بخير و سعادة ..
و استغلوا فرصة وجودكم سوياً أرجوكم فهذا صدقوني أجمل ما ستخرجون به من دراستكم هذه و وجودكم هذا ..
كل عامٍ و أنتن أجمل    
كل عام و عيدي لا يكتمل إلا بكم .. فكلمات شكري قليلةٌ مقابل ما فعلتم"



الجمعة، أبريل 12، 2013

تُرى من يهتمُ بي ؟!

غالباً ما أسمعهم حولي يتهامسون مع أنفسهم أو يعاتبون غيرهم " تُرى من يهتمُ بي ؟! "
سؤال بات يطرحه الكثير على أنفسهم و تناسوا أنّ الاهتمام مصدره اهتمامهم بالغير
كيف تطلب أن تكون محل اهتمام غيرك و أنتَ لا تولي اهتماماً لأحد !!
كيف تجرؤ على عتاب أحدهم لأنه لا يهتم لأمرك و تنسى أن تهتم أنتَ به !!
كيف لنا أن نطلب ما لا نستطيع أن نعطيه !

اهتمامكَ بنفسك ليس ضرباً من ضروب الأنانية و لكنه جزء لا يتجزأ من اشباع حاجتك بالاهتمام
اهتمامكَ بمن حولك ليس عمراً تضيعه بالعطاء دون جدوى بل هو شعوركَ بذاتك المختفية وراء كل اهتمام بهم
لا تجعل أكبر همك أن تحمل ميزانا تزن فيه حجم اهتمام من حولك بك فالاهتمام لا يقاس بالكيلوجرامات أو السنتيمترات
الاهتمام يا عزيزي قسه بحجم اهتمامك بمن تطلب منه الاهتمام

لا تجعل نفسكَ محور حياة الآخرين حولك، فمن أخبرك أنك مركز الكون مثلاً ؟!

يا عزيزي ..
اجعل نفسك محوراً لحياتك أنت، و اجعل الآخرين يسبحون في فلك اهتمامك ..
اجعل صوتكَ سبب اشراق صباحهم بابتسامةٍ صادقة ..
و اجعل ابتسامتك سبب رضاهم عن وجودكَ معهم ..
و اجعل رضاك عن نفسكَ معيار سعادتك ..
و اجعل سعادتكَ بيدك ..

السبت، أبريل 06، 2013

هي،

حين ترف نسماتها على أيامنا تترك أثراً غامضاً جميلاً باقياً
هي تختفي وراء شفافيةٍ جذّابة .. عمرها لا ينقص بانتهاء كل يومٍ من أيامها لأنها تزيد أعمار الباقيين بحنانها .. باشراق وجهها و نور عطائها ..
هي يد خفية تجتاحُ عمراً كاملاً فتزيد في صفحاته فصولاً صادقة في روايةٍ بالية ، و أحلاماً محققة في واقعٍ مرير ..
هي ترنيمة حياةِ من يعيش بها و لها و لأجلها و لأجل عيونها الناعسات ..
هي صاحبة الظل الذي لا يفارق قبسها محبيها أبداً ..

هي رفيف عمـــــــــــــــــري و ندى أحــــــــــــــــلامي ..

هي صبـــاحي الجميل و رحمتي من قسوة الأوقات ..
هي هبة لكــــــــــل من رأهـــــــــــــا أو سمع صوتها .. 
هي صاحبة القــــــــــلب الأنقى من لون الياسمين ..
هي ارتواء عطــــــــــشي بعد تعبٍ ســــــــببه عتب ..
هي النيرة المنيرة لحياة المجتمعين على مغناطيس شخصيتها ..
هي بســـــمـــــتهم و بلســـــمهم و أُنس أوقــاتهم ..
هي عاطرةٌ متعطرة بأنوار الحـب و اليقين و الايمان ..
هي لا تجد للهجر مبرراً مهما طال ..

هي لا تدري و لا ادري إن كانت بشارتهم أم أنها من يصنع البشريات ..
هي البشارة المشرقة ..
هي هالةٌ من نور .. و نبعٌ من حنان ..
هي - ببساطة - لا تصفها الكلمات و من خسرها رافقه الندم سنوات و سنوات ..

الأربعاء، يناير 02، 2013

تأتي الدراسة بما لا يُصدق العقل

في الصفحة الأولى من دراستي لنظريات العمارة بعد حوالي أربع سنواتٍ من دراستها في البكالوريوس قرأت أقوالاً لم أعد أذكرها ذلك لأنها لم تؤثر بي وقت دراستها و أنا في عمرٍ صغير و لكني الآن أدقق فيما وراء الحروف و أحاول اكتشاف ما تخفيه الكلمات من معاني لها افاقٌ و أبعادٌ خارج الصندوق فخطر ببالي أن أسألأ نفسي سؤالاً ، هؤلاء المعماريون المشهورون هل سبقت أقوالهم شهرتهم أم أن أعمالهم كانت سبب شهرتهم ،أعلم أني ما زلت في عمرٍ صغير حتى أفكر أن أكون ضمن من أضافوا للعمارة شيئاً جديداً أو مميزاً و لكني افكر فعلاً بذلك فما الذي ينقصني حتى أصبح مثلهم !!
أوجودهم في دول الغرب أتاح لهم فرصة أكبر!! ، لا لن أُقنع نفسي بذلك فوجودي هنا بين هؤلاء البؤساء الذين يحتاجون كثيراً من عصارة تفكيري لحل مشكلاتهم التي لا تنتهي خاصة في أمور العمارة و العمران التي لا تكاد تنفك عن كل تفاصيل حياتهم ..
أذكر أن أجداداً لي قدموا للوطن الكثير بدمائهم و لكني أريد ان أقدم -ليس وحدي- للوطن أعماراً و اعمالاً
 ..

قد يقرأ البعض ما أكتب هنا و يسخرون مني و لكني لن اكترث لأولئك المحبطين المثبطين للهمم ، سأبدأ بنفسي و سأحقق حلمي بأن أكون واحدةً ممن تُدرّس نظرياتهم و اتجاهاتهم المعمارية ، سأتحدى من يتحجج بالظروف ..
و أنا أقرأ أسئلة النظرية خطر ببالي سؤال يستحيل أن يأتي بالامتحان و لكنني أتمنى أن يكون سؤلاً فعلياً و لو بعد قرنٍ من الآن ..

اقرأ المقولتين التاليتين و استنتج فلسفة تعامل كلا المصممين من التعامل مع الظروف و العقبات في الحياة ؟
" لا تخافوا من أنفسكم فخير لكم ان يسخر الناس منكم من أن تكونوا جبناء " فرانك لويد رايت
" لا تسخروا من أحلام الآخرين فخير لكم ان تخافوا على أنفسكم من أن تكونوا محبطين " رغدة ماهر السوسي

على فكرة :
لا تهمني أجابة السؤال التي تربط بين ما أقول و بين ما يقول رايت فليس هذا هدفي مما كتبت الآن و انما أردت أن أعبث على الورق ببعض الكلمات التي تختنق في حنجرتي كلما فكرت بالمستقبل البعيد و بأثري بعد موتي ، ففي يومٍ من الأيام سيفيقون بعد رحيلي ينظرون أحلاماً لي فيهم و أحلاماً لهم بي لم تعد سوى بضع ذكرياتٍ بالية، سيباغتهم الحزن حينها ساعات و ربما أياماً معدودات لكن أنظر لذلك اليوم و أفكر في شئ للتاريخ ، افكر كيف سأحفر اسمي بعملي على ذاكرة الزمن ..

اعجابكم أو استهزائكم لا يعنيني بل يعنيني فعلاً ما سيتركه لي هذا الكلام من الاصرار كلما قرأته ..

سأتحدى نفسي و سأصل لحُلمي :)

الخميس، نوفمبر 17، 2011

ردٌ طالما انتظرته

لقد تجاوزت حدود السعادة اليوم حين تلقيت رداً -على ما كتبت منذ عام- ممنْ أعطانا حرية التفكير، ممنْ أحمل له من الامتنان و الشكر الكثير، ممن سمح لنا أن نحلل و نناقش و نستنتج حتى نصل إلى أسلوبنا الخاص بالتفكير و نكتشف أخطائنا ونقومها ...
أستاذنا الفاضل الدكتور/ عبد الرحمن محمد

" المهندسة الفاضلة والأخت العزيزة بل ابنتي الكريمة رغدة،
الطلبة المميزون لهم ذكريات خاصة في أذهان مدرسيهم، و كذلك كنتم دفعة مميزة من الطالبات اللاتي اجتهدن أن يرسمن على وجه فلسطين الحزين في ليلها الكئيب بسمة من نور وإن كانت باهتة إلا أنها ثابتة، كتبتم عن فينومينولوجيا العمران بعد الحرب ، عن معايشتكم لهذا العمران الغريب في الزمن العجيب و كنت أنا طيلة الوقت احدث نفسي عن تجربتي أنا في معايشة هؤلاء الطلبة في استكشاف لون خوفهم الذي يخافون وتذوق طعم فرحهم الذي يفرحون وربما تستغربين أنني وجدت في ذلك عجبا، وجدت ما لا يوجد و لم أجد ما أقوله و لا أصفه و لا افهمه، و لا أنا أجاري شعارات أخيرة لها عناوين سياسية إن قلت أنني كنت دائما أتعجب أي نوع من البشر تكونون، لم أبُح لأي أحد من قبل بهذا الكلام و مرت بنا الأيام مسرعة كالرحى الفارغة الخرساء فلا جعجعة ولا طحنا حتى جاءت يراع طبت فيها الزيت فإذا بها تضيء كما المصباح في المشكاة و كما زيت الزيتون في جبال فلسطين، و كنت أنت ربابة التي صبت ماء الحنين على جدب الحياة، نعم لم أكن امزح وأنا ارمي هذه الأفكار مثل الصياد أمام بحر قد جفت ينابيعه أو كالزارع أمام حقل من صخر أصم، لكني كنت على يقين أن تلك الينابيع ما زالت فيها جذوة السقاء و النقاء فكنت أنت واحدة منها و كنت على يقين أن تلك الصخور في داخلها نخل باسقات سوف يوما تخترق الجلمود و تحيله إلى سفر الخلود و كنت أنت نخلة منها ،

ابنتي العزيزة،، سوف يكون لنا موعد آخر قريب على شطآن هذه الينابيع و تحت ظلال تلك النخلات و إلى حينها استودعك الله ...

(يمكنك نشر هذه الرسالة في مدونتك فلانشغالي الشديد الآن ربما لا أجد الوقت الكافي) "



لقد كان هذا النص رداً على الموضوع الذي تم نشره منذ عام في هذه المدونة و هذا هو رابط الموضوع
:

http://raghda-maher.blogspot.com/2010/09/normal-0-false-false-false.html


قد تعجز كلماتي عن الشكر فلم أجد حروفاً تصل لتكون رداً عليكَ أستاذي الفاضل
كن بخير ..
ننتظر رجوعكَ بفارغ الصبر ، فكل زاويةٍ في هذا الوطن تفتقدكَ .

الأحد، يوليو 03، 2011

فقاعة شعور أتمنى أن لا تعود ،



لَم أجد مفراً من ترك أثرٍ على تلك المدونة التي جذبني فيها ما كُتب بعد طول غياب ، فَقَد صارَ علينا أن نقضي جميعاً مُسرِعين بغير ارادتنا و على غير ما نرغب به ، فأحداث حياتنا اليومِية لا تكاد تدركنا و لا نكاد ندركها، لا أعلم ان تشابهت أحوال طقس الشعور لدينا فلَم نعُد نريدُ التَفكيرَ فِيمَا نرِيدُ أَو مَا لَا نرِيد،
أواقاتنا كفقاعةِ صابونٍ يرمي بها الهواء حيث يرغب هو ، فقاعةٌ تمتلئ هواء له طعم آخر ولكنه سرعان ما يختلط بالهواء المحيط به حال انفجار تلك الفقاعة فتتلاشى عن الأول صفة التميز التي أكسبها اياه ذاك الغلاف الرقيق الملون

أدّعي مؤخراً أن تأخر الادراك يرافقني ويورثني ذهولاً يطفئ التعبير عن أي تغير في تصرفاتي و انطباعاتي و ميولي فيُخرسني - و أقصد نفسي بهذه الكلمة بكل قسوة حرف الخاء فيها -

لا أعلم إن كان ما أقول مكانه المناسب هنا ، و لكن تلك السطور القليلة استحثت مشاعري الكامنة و أيقظت بي ما كنت أود ان أبقى في غفلةٍ عن وجودهِ في داخلي ، فكأن ما كُتب يقترب مما بي ...

اعذرني يا كاتب ذاك المقال الذي يصف بعضاً من حالي ، تحدثت عن نفسي كثيراً و لكني لا أتقن التحدّث فيما لا أعرف ، لعل معرفة الانسان نفسه أحق له من أن يبحث في تأويل نفوس الآخرين و هو جاهلٌ بها كل الجهل ... بعيدٌ عنها كل البعد ، لا يرى إلا قشور الحروف منها و بعض تركيباتٍ لغوية لا يستطيع من خلالها نسج ما تحتويه النفوس من تشابك و تعقيد ...

إن آخر اهتمامتي أن يقرأ أحدٌ ما كتبتُ هنا ، فأنا أود أن أقرأ وحدي فقط ، و إن تسائل أحدكم عن سبب نشر هذه التدوينة الآن و هنا فالسبب بسيطٌ جدا هو ادراكي أنّ ليسَ الادراكُ وحدَه ما يصنع الأشياء و عدم حاجتي لتذكر ذلك
...